في لقاء مميز، اجتمعنا بالدكتور عمر داووي، عضو هيئة التدريس بكلية الاتصال، في مكتبه.وللدكتور عمر خبرات واسعة في مجال الإعلام الجماهيري والسياسات الإعلامية. دار بيننا حوار حول الذكاء الاصطناعي وآثاره على التعليم الجامعي. إليكم نص الحوار:
كيف ترى أثر الذكاء الاصطناعي في التعليم الجامعي؟ هل التكنولوجيا تُغير من طريقة التدريس والتفاعل؟
الذكاء الاصطناعي هو قطار لا يمكن إيقافه. عندما نتحدث عن الذكاء الاصطناعي، هناك مدرستان بين أعضاء الهيئة التدريسية: الأولى متحفظة وتخشى دمج هذه التقنية في التعليم، حيث يفضل أصحابها الطرق التقليدية ولا يشجعون الطلبة على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي. أما المدرسة الثانية، التي أنتمي إليها، فهي أكثر انفتاحًا وتؤمن بأهمية دمج هذه الأدوات في التعليم.
أنا أُدرّس حاليًا مساق الكتابة الإعلامية. بعد أن أُدرِّس الطلبة أساسيات الكتابة الإعلامية وأنواعها (كالخبر والتقرير والحوار)، أعلمهم كتابة الأخبار بالطريقة التقليدية، ثم أطلب منهم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل كتاباتهم وتصحيح الصياغة. بهذه الطريقة، أُكسب الطلبة مهارات نقدية تجعلهم قادرين على التفاعل مع التقنية بشكل واعٍ وغير اتكالي. على سبيل المثال، أطلب منهم تحليل نصوص مكتوبة بواسطة الذكاء الاصطناعي واستنباط الأخطاء منها. دائمًا أقول لطلبتي: "أنتم أذكى من الذكاء الاصطناعي، اجعلوه مساعدًا لكم وليس بديلًا عنكم، لأن الاعتماد الكامل عليه يُضعف التفكير النقدي لديكم".
بلا شك، الذكاء الاصطناعي يُحدث ثورة تعليمية. فهو لا يغير فقط طريقة إعداد المواد الدراسية وتقديمها، بل أيضًا يساعد في تعليم الطلبة كيف يصبحون نقديين عند التعامل مع هذه الأدوات. ومن جهة أخرى، الطلبة يستخدمون الذكاء الاصطناعي لتلخيص المحاضرات وفهم الدروس، ما يشير إلى تحول جذري في العملية التعليمية. من ينكر هذه الثورة يشبه النعامة التي تدفن رأسها في الرمال.
هل يمكنك ذكر بعض فوائد الذكاء الاصطناعي في التعليم؟ وكيف يمكن أن يساهم في تطوير المهارات المطلوبة لسوق العمل؟
من أبرز فوائد الذكاء الاصطناعي أنه يزيد الإنتاجية بشكل كبير ويختصر الوقت مقارنة بالطرق التقليدية. في البداية، أثار ظهور الذكاء الاصطناعي مخاوف، لكنه اليوم دخل مرحلة النضج. لا ينبغي اعتباره تهديدًا، بل مساعدًا يمكنه تعزيز كفاءتك. من لا يمتلك مهارات استخدام الذكاء الاصطناعي خلال السنوات القادمة سيكون خارج معادلة سوق العمل، سواء كان طبيبًا، مهندسًا، أو حتى رسامًا. إدماج الذكاء الاصطناعي في مجالك يعزز فرص توظيفك ويجعلك مواكبًا للتطورات.
هل تعتقد أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يعزز التفاعل بين الأساتذة والطلبة أم قد يقلله؟
ذلك يعتمد على كيفية استخدامه. إذا استُخدم بشكل صحيح، فإنه يعزز التفاعل بين الطرفين. على سبيل المثال، عندما أُدرِّس طلبتي كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل النصوص وتطويرها، يتحسن التفاعل بيننا. أما إذا تُرك الطلبة يستخدمون الذكاء الاصطناعي بشكل فردي وغير موجَّه، فقد يؤدي ذلك إلى تقليل التفاعل.
كيف ترى مستقبل الذكاء الاصطناعي في التعليم؟ وهل تتوقع أن يصبح جزءًا من النظام التعليمي أم سيكون دوره محدودًا؟
الذكاء الاصطناعي جاء ليبقى. سيستمر في التطور وربما بطرق غير متوقعة. أرى أنه سيكون جزءًا أساسيًا من النظام التعليمي في المستقبل، وقد يصل بنا الأمر إلى أن يكون دور الأستاذ تقييم أعمال الطلبة وإنجازاتهم فقط، بينما يعتمد الطلبة على الذكاء الاصطناعي في المذاكرة والتحصيل العلمي.
كمؤيد ومستخدم للذكاء الاصطناعي، هل ترى أن استخدامه سلبي أم إيجابي؟
أراه إيجابيًا جدًا بشرط أن يمتلك الطالب مهارات نقدية للتعامل معه. استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل خاطئ، كإعطائه أوامر مباشرة مثل "اكتب لي مقالًا" أو "ابحث لي عن كذا"، يُفقد الطالب فائدة التعلم. أما الاستخدام الإيجابي، فيكمن في التفاعل معه نقديًا، مثل طرح أسئلة متعددة عن الموضوع ذاته وتحليل إجاباته.